(الحدث الجنوبية) عرض والمواقع العالمية
يرى محللون سياسيون يمنيون أن الحوثيين في مأزق بعد سيطرتهم على مؤسسات الدولة، بينما يحاولون الحصول على شرعية لما وُصف “بانقلابهم العسكري”، في الوقت الذي يخضع فيه الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي للإقامة الجبرية.
ما زال الرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي يخضع للحصار والإقامة الجبرية داخل منزله في العاصمة صنعاء، منذ تقديمه استقالته إلى مجلس النواب الأسبوع الماضي.
ويحاصر الحوثيون منزل هادي منذ بدء معركة السيطرة على “دار الرئاسة” -وهي أهم مؤسسة سيادية للسلطة اليمنية تمكنت مليشياتهم من السيطرة عليها- بتوجيهات من هادي الذي خيّر بين اقتحام منزله، أو السماح بإسقاط قصره الرئاسي.
ولا تزال تحيط بمنزل هادي الواقع بشارع الستين غربي صنعاء، قوات حوثية بينها مدرعة “بي.أم.بي” تابعة للحرس الرئاسي، وأكثر من خمس عربات مسلحة من نوع همر، حيث يفرض مسلحو الحوثي إقامة جبرية على هادي وأفراد حراسته وبعض أفراد عائلته.
وفي السياق نفسه، أكد مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر للجزيرة نت أن الحوثيين يفتشون كل من يدخل أو يخرج من منزل هادي، وهو ما أكد تعرض سيارة بن عمر نفسه للتفتيش بعد أن سُمح له بلقاء هادي.الاتصالات مقطوعة
وأكد فارس السقاف مستشار هادي خضوع الرئيس المستقيل للإقامة الجبرية ومحاصرة الحوثيين لمنزله، وأفاد في تصريح صحفي بأن الاتصالات مقطوعة عن الرئيس، وأنه لم يتمكن من الاتصال به منذ تقديمه استقالته.
ويقود بن عمر مباحثات مع القوى السياسية وجماعة الحوثيين للخروج من المأزق بعد استقالة هادي، وفي أعقاب استكمال الحوثيين سيطرتهم على مؤسسات الدولة السيادية وأبرزها دار الرئاسة والقصر الجمهوري، وحصار هادي، وهو ما اعتبره البعض “انقلابا مسلحا على الشرعية”.
ثلاثة خيارات
وتؤكد مصادر سياسية يمنية أن ثمة ثلاثة خيارات تطرح للخروج من مأزق استقالة هادي وحكومة رئيس الوزراء خالد بحّاح، فالحوثيون يطرحون تشكيل مجلس رئاسي يتشكل في معظمه من موالين لهم. وفي المقابل يطرح تكتل أحزاب اللقاء المشترك الضغط على هادي للتراجع عن استقالته، أو أن يشكل مجلس رئاسي برئاسته تزامنا مع بدء انسحاب الحوثيين من صنعاء ومؤسسات الدولة.
ويطرح حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح ضرورة أن ينظر البرلمان في استقالة هادي، وأن يتولى رئيسه يحيى الراعي منصب الرئاسة مؤقتا لمدة ستين يوما، يعقبها إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.
ويصب هذا المقترح في مصلحة صالح وعودته إلى السلطة أو بدفع نجله أحمد علي عبد الله صالحإلى منصب رئاسة الجمهورية.
التدخل الدولي
وقال الخبير القانوني المحامي محمد ناجي علاو في حديث للجزيرة نت “إن الحوثيين في مأزق كبير بعد سيطرتهم على مؤسسات الدولة بالقوة ووضع الرئيس قيد الإقامة الجبرية بعد تقديمه استقالته، فهو الرئيس الشرعي داخليا وإقليميا ودوليا”.
وأضاف علاو أن “أميركا والاتحاد الأوروبي ودول الخليج يرون أن هادي هو صاحب الشرعية الوحيد باعتباره مفوضا من الشعب اليمني لإدارة حكم البلاد وفقا للمبادرة الخليجية، وأن ما قام به الحوثيون انقلاب على الشرعية”.
وبشأن إمكانية تدخل المجتمع الدولي لتخليص هادي من حصار الحوثيين، قال علاو إن “التدخل العسكري في اليمن مستبعد في كل الأحوال، ولا أعتقد أن أميركا ترغب في التدخل عسكريا”.
وأضاف علاو أن “تخليص هادي عسكريا لا يقدم ولا يؤخر فيما يتصل بمعالجة الحالة التي فرضها الحوثيون بالقوة على العاصمة صنعاء ومناطق في الشمال اليمني”.
واعتبر أن “الحركة الحوثية لن تحصل على شرعية لانقلابها العسكري وإدارة البلد، خاصة أنه لا يمكنها السيطرة الكاملة على اليمن، فهي تسيطر شكليا على أجزاء من محافظات الشمال فقط، بينما محافظات الوسط (الجوف ومأرب والبيضاء وإب وتعز) ترفض وجودها، كما أن محافظات الجنوب أعلنت فك الارتباط مع صنعاء”.
وأشار إلى أن “الحوثيين يسعون لإيجاد شراكة في السلطة مع الأحزاب والقوى السياسية من أجل الخروج من الأزمة التي تسببوا بها، ولإعطاء شرعية محلية ودولية لما قاموا به من عمل مسلح وانقلاب على شرعية الرئيس هادي”.شرعية الانقلاب
ورأى علاو أن “المأزق الأكبر للحوثيين أنهم يعلمون بعدم حصولهم على اعتراف دولي سهل في الأفق المنظور، خاصة أن أميركا والاتحاد الأوربي ودول الخليج تعترف بشرعية الرئيس هادي فقط، وبالتالي من الصعوبة على الحوثيين إدارة المناطق التي تقع تحت سيطرتهم بدون الاعتراف الدولي والقبول المحلي”.
واعتبر علاو أن الموقف الدولي ما زال يرفض تفرد الحوثيين في إدارة المناطق التي سيطروا عليها بالقوة، لذلك فهم يسعون لإبقاء الرئيس هادي في منصبه ولو شكليا لكونه صاحب الشرعية، وهذا يؤكد مأزقهم.
ولفت إلى أن القوى السياسية التي يتفاوض معها الحوثيون للشراكة في السلطة، تطرح ضرورة تخليهم عن السلاح وتسليم السلاح الثقيل والمتوسط الذي نهبوه من معسكرات الجيش، وأن تعود هيبة الدولة.
ولا يرغب الحوثيون في التخلي عن مكاسبهم التي حققوها بالسلاح، بينما يود صالح أن يذهب إلى مجلس النواب حتى يتمكن من استعادة السلطة، وهنا تبرز عدمية الصراع والتفاوض السياسي.
وزير يمني يدعو المواطنين لرفع الحصار عنه
دعا وزير الإدارة المحلية بالحكومة المستقيلة, عبد الرقيب فتح، المواطنين إلى تنظيم وقفة احتجاجية الخميس أمام منزله بالعاصمة صنعاء لرفع الحصار المفروض عليه من قبل المسلحينا لحوثيين منذ أسبوع.
ووجه الوزير عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك “دعوة لكل المواطنين والأحرار والرافضين لظلم الإنسان وحصار الأطفال والنساء التظاهر أمام منزله لفك الحصار عنه”.
وتأتي هذه الدعوة بعد فشل مناشدات الوزير للجهات المختصة والمنظمات الحقوقية بالتدخل والمحامين برفع دعوى قضائية باسمه ضد محاصريه, إلى جانب عجز حزبه التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري عن فعل شيء عدا بيان صحفي واحتجاج سياسي لأمينه العام.
وقالت مصادر مقربة من الوزير للجزيرة نت إن مسلحي الحوثي يمنعونه من مغادرة منزله، ويقومون بتفتيش الداخل والخارج معتبرين وجودهم حماية للوزير.
ووجد الوزير في فيسبوك وسيلته الوحيدة لكسر العزلة المفروضة عليه وإبقاء جسور التواصل مع الناس, حيث ينشر فيها مناشداته ودعواته ويوافي متابعيه بأي جديد يطرأ عليه، وكان آخره انفجار قنبلة ألقاها مجهول أمام منزله يوم الاثنين ما أدى لإصابة شخصين أحدهما من حراسته.
حصار مطبق
وكانت حكومة خالد بحاح قدمت استقالتها يوم 22 يناير/كانون الأول الجاري بعد عجزها عن القيام بدورها في ظل سيطرة الحوثيين على مؤسساتها والتحكم بمقاليد الأمور على الأرض، قبل أن يتبعها الرئيس عبد ربه منصور هادي ويقدم استقالته لمجلس النواب لتدخل البلاد فراغا سياسيا غير معروف تداعياته.
ومنذ ذلك التاريخ، يفرض الحوثيون حصارا على منزل الرئيس وعدد من وزراء حكومته ويمنعونهم من الدخول أو الخروج ويفتشون الزائرين، ومن أبرز الوزراء وزير الدفاع اللواء الركن محمود الصبيحي ووزير الشؤون القانونية محمد المخلافي قبل أن يرفعوا عنه الحصار الاثنين.
ومع انهيار مؤسسات الدولة خاصة الأمنية والعسكرية، لم يجد الوزراء غير المواطنين لفك الحصار عنهم وكسر عزلتهم بعد تحول منازلهم إلى مزارات شبه يومية يقصدها الزائرون من مختلف الانتماءات من باب التضامن والتنديد بما يتعرضون له.
وكان المبعوث الأممي إلى اليمن, جمال بن عمر ، قال في اتصال هاتفي مع قناة الجزيرة مساء الثلاثاء إن الحوثيين يطوقون منزل الرئيس المستقيل ويفتشون كل من يدخل إليه، وإن عددا من الوزراء تحت الإقامة الجبرية.
دعوة وهدف
بدوره, اعتبر مختار الرحبي الصحفي بمكتب الرئيس المستقيل دعوة وزير الإدارة المحلية أمرا طبيعيا في ظل غياب وانهيار مؤسسات الدولة، ولا سبيل غير تحرك المواطنين لفك الحصار عن المنزل.
وأرجع الرحبي، في حديث للجزيرة نت، الهدف من حصار الحوثيين لمنزل الرئيس وأعضاء حكومته إلى ممارسة الضغوط على القوى السياسية التي ينتمون إليها أو الجهات الداعمة لهم لقبول خيارهم بتشكيل مجلس رئاسي لإدارة البلاد.
كما أشار إلى أن الحوثيين “سقطوا أخلاقيا بهذه الأعمال وظهروا على حقيقتهم أمام الجميع باعتبارهم عصابة مسلحة تفرض ما تريد بقوة السلاح”.
-الجزيرة-




