خاص(الحدث الجنوبية) الباحث المؤرخ / فضل الجثام اليافعي
مدينة <روان > الفرنسية، كانت في 1431 بمثابة العاصمة بالنسبة للقوات الانكليزية، التي كانت تبسط
نفوذها علی تلك البلاد. .وقد بدأت للتو في قصر روان وقائع أغرب محاكمة للعذراء فرنسية لم تبلغ
العشرين بعد! فما الذي حدی ب45 من رجال
الكنيسة الفرنسيون لمحاكمة مواطنتهم العذراء؟
نعم فقد كانوا جماعة من العملاء يتحفزون للفتك
بتلك الثائرة التي اعتمرت بزة الحرب وقادة كتائب
الثائرين لمنازلة الإنكليز في مدينة /اورليان/وهزمتهم هنالك، في موقع إلى الجنوب الغربي
من /باريس /ثم عمدت لتنصب ولي العهد ملكا
علی فرنسا باسم /شارل السابع /بدلا من ملك
الانكليز /هنري السادس /لكنها سرعان ما وقعت
بالاسر وها هي تحاكم تحت سيل من التهم :
ساحرة /هرطيقة تخالف معتقد الكنيسة /دجالة
تدعي بنزول الوحي عليها /ومحرضة علی سفك
دماء إخوان الملة من الإنكليز ومخالفة لفطرة
المرأة التي لا ينبغي لها التشبه بالرجال وخوض
غمار المعارك! ..أي كارثة حلت بناموس الكون؟ كيف تجرؤ فتاة قروية من /دومريمي /ليست إلا ابنة
فلاح بسيط، وامرأة تمتهن الخياطة أن تدعى أن
السماء ابتعثتها لتحرير فرنسا؟ ومن ذا الذي
يقيم عهدا مع الله، دونما واسطة؟ وهكذا استمرت
المحاكمة لمدة ثلاثة أشهر توجت بإحراق العذراء
في /روان / وهي تصرخ متوعدة بجلاء الانكليز
عن وطنها، تحت قيادة ملكها التي نصبته بأمر
الرب /شارل 7/وقد صدقت نبوتها إذ صدر حكم
بعد 25 سنة ليس إلا أعاد لها اعتبارها. .وانتصر
الملك!
وبعد انقضاء 258 سنة من إحراق قديسة فرنسا
العذراء حتی بعثت ملحمتها الأسطورية في حياة
عذراء عربية من سرو حمير / يافع / أنها الأميرة
<نور العفيف > كانت في 1655 صبية لا تدري
ما يدور حولها! وما الذي حدی بجدتها “نور ” إلى
التسلل خارج القرية، مثقلة ونساء أخريات باحمال
لا يكدن يطقن حملها، هبوطا وصعودا نحو قمة
<جبل جار > المقابل <للقارة > حلال جدها
السلطان <معوضة > الذي لم تعد تراه منذ
أيام! هنيهة وإذا بثلة النساء يصطدمن، علی
مقربة من <رهوة جار > بسرية من الجند الذين
يحملون البنادق والسيوف ويعتمرون ثيابا
فضفاضة، ويزملون بأصوات غير مألوفة! هكذا
كان أول لقاء للصبية بجند الغزو الأمامي. .الذين
لم يكتفوا بمصادرة السلاح الذي أرادت جدتها
وثلة النساء اخفاءه عن جند/ الإمام المتوكل /
في بعض كهوف جار؟ إذن فقد قررت السرية
مصادرة السلاح والقبض علی نساء (آل عفيف )
المحاربات. .وإذ أخذت جدتها السلطانة تهدی من
روعها. .بيد أنها احست بفيض من دمع جدتها يبل
وجهها الغض النظر .قبيل أن يأخذها الجند إلى
محطتهم الرئيسة، في مطرح /الزاهر / علی
مقربة من /البيضاء / وقد أمرهم قائد الجيش
ليخفوا بها لتكن نزيلة، في <قلعة رداع > في
حين أن زوجها السلطان كان قد اقتيد أسيرا
وآخرون من الأعيان، إلى حاضرة/ المتوكل
إسماعيل /في <ضوران -آنس > !
تلك التجربة التي عايشتها اميرتنا “نور ” كانت
كفيلة لتغلب مسار حياتها رأسا علی عقب. صحيح
أن جدها وجدتها لم يلبثا طويلا بالاسر. .بل
عادا معززين مكرمين. .لكن فقط تحت نير وقهر
البلد الخاضعة. وصحيح أن جدها المحارب ما
استكان إلا بعد أن خاض مع رجال قبائل /يافع
بني قاصد /معارك ضارية سقط فيها ما يناهز
300 شهيد علی قنن جبال /آل نفاج /والموفجة
/وبطون أودية /ذي ناخب /يهر /ورصد. .الخ
كما ارتوت الدروب والمسالك بدماء مئات الغزاة!
لكن لم يكن هذا ليغير من حال العذراء الفاتنة “نور “
بقامتها الفارعة وجمال وجهها الفاتق! يقال ان احد
بني عمها كان قد تقدم لخطبتها، مفتونا بحسنها
الأسر! لكنها دخلت عليه ذات يوم وقد استقر في
مجلس ديوان أبيها، وهي تحمل في طرف غطاء
رأسها حفنة من جمر الموقد. .فراعه ما رأی منها
وانصرف عن هيامه بها. .أما هي فقد انشغلت
بالتدرب علی فنون القتال!
وفي ذات يوم من عام 1689 سمع لطبل النحاس
دويا مصدره قمة جبل “جار ” وانطلقت اميرتنا
العذراء <نور العفيف > وقد اعتمرت شكة
الحرب وامتطت صهوة جوادها، إلى مصدر طبل
الحرب. .وكل من رآها أو سمع بخروجها التحق
بها. .وقد اذهلهم دوي الطبل الأسطوري يتقدمهم،
صعودا نحو يافع /العليا /إلى مقر عامل الدولة
القاسمية في /مسجد النور /الذي انسحب بحمايته
إلی <جبل العر > ..وما هو إلا يوم أو بعض يوم
إلا وقد داهمتهم طلائع جيش “نور “فلاذوا بالفرار
إلى بعض بلاطح /البيضاء /الفسيحة. .هنالك دارت
رحی معركة ضروس ..والأميرة المحاربة تصول
وتجول كالنمرة ذات الجراء. .ومعها أشبال يافع
وقشاعمتهم. .وانخرطت نساء كثير في أتون المعركة وانكسرت جيوش الإمامة في اتجاه <رداع > لكن
عذراء يافع أصيبت جراء طلقة بندقية قناص فحملها
بعض الثوار إلى المؤخرة وكروا عائدين يلاحقون
فلول الغزو ولسان حالهم يقول.،وفقا لأحد مؤرخي
الحرب، مستشهدا بالقرآن :
“وقيل ارجعوا ورائكم فالتمسوا نورا. .”
وكما نالت فرنسا حريتها أثر مقتل القديسة العذراء
(جان دارك ) نالت يافع وكل بلاد المشرق من
<عدن > حتی المهرة حريتهم وانعتاقهم من وطأة
العسف والظلم. لكن عذراء فرنسا تحولت حتی في
نظر الانكليز إلى قديسة ملهمة للبشرية التواقة
للحرية. .وأخذت الأجيال تطلق اسمها علی المباني
العامة والساحات. .الخ في حين لم تبق “نور “
في ذاكرة قومها إلا كاثار حلم باهت! بالله هل
أطلقتم اسمها علی معسكر في الجنوب أو حتی
ثكنة جند؟ يا ل ذاكرتنا الصدئة. .هل سأل
أحدكم نفسة أين دفنت عذراء يافع المحاربة؟ أو
عن الدافع الدنيوي لقتالها. .هل أرادت أن تقطع
لنفسها قطعة عقار؟ أو منصب حكم يدر عليها
بالأموال؟ لا لا لا لقد كانت أيقونة للحرية فحسب
وشعلة للعانين التواقين لها؟
سلام انت يا نور في ضمير الأحرار. سلام
انت يا ابنة الكرام قديسة في ضمير الشعب.
ألم يستدر أحد اخلافك المحاربين ذكری دوي
طبل النحاس، في جبل جار :
لا حن من جار قدامه سنم /
وانا محادد جبل قلة سنام /
وقوله :
وسلطاننا مولی القرون الجواسر /
بيسرح من القارة وانا اسرح من الرزان /
تلك الشهيدة نور ليتها انتمت إلی موروث شعب
آخر لكانت سيرتها أيقونة عشق للحرية /أو
فنقلة للنار! وليت في مقدوري أن اخلد ذكراها
لأجيال ترفض الخنوع والجري خلف المكاسب
الرخيصة؟ ؟؟
- حصن <جبل العر /عرن -مسنديا > يافع.
- القديسة العذراء /جان دارك -روان -فرنسا -1431
- آثار مدينة <دخان> كلد -يافع.







